دخلت الحرب شهرها الرابع في بلادنا وكل يوم يمر تزداد آثارها البشعة، ودعاة الشر يغذونها بالتحريض ونشر خطاب الكراهية بأساليب نتة موغلة في القبلية والجهوية والاثنية والعنصرية وكل المفردات الجاهلية التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم:”دعوها فإنها منتنة”
استلهاما لمعاني الهجرة وتذكيرا بقيم الإسلام السمحة:(( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ))نوجه نداء لقيادة القوات المسلحة وقيادة الدعم السريع ولرموز المجتمع من السياسيين والعلماء والمفكرين والادارة الأهلية والقيادات الدينية بالمسارعة للآتي:-
أولا:العمل بكل الوسائل الممكنة لإيقاف الحرب فورا،فكل الموبقات ارتكبت في ظلها، وفي استمرارها مزيد من إزهاق النفوس، وانتهاك الحرمات، وانتشار الجرائم، وتمزق النسيج الاجتماعي، وتسيُّد خطاب الكراهية والجهالة.إن واجب الوقت هو تعظيم حرمة النفوس بإيقاف هذه الحرب، فعندما بركت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية، قال الناس خلأت الناقة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ما خلأت وما هو لها بخُلُق، ولكن حبسها حابسُ الفيل عن مكة، والله لا تَدْعوني قريش اليوم إلى خطة يُعظِّمون فيها حرماتِ الله، إلا أعطيتهم إياها))
الهجرة وتأسيس مجتمع السلم
ثانيا:تكوين مجموعة وطنية تمثل كل الكيانات المذكورة، تتجرد من الولاءات الضيقة إلا الانتماء للوطن لتكون نواة لوحدة وطنية تدعو للسلام وإزالة آثار الحرب، وتعزز خطاب التعايش السلمي وجبر الضرر، وصيانة حرمة النفس الإنسانية، وإطفاء الحريق الذي بدأ يتسرب لالتهام ما تبقى من ممسكات الوحدة الوطنية، قال تعالى:(( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))
رابعا:نجدة الفارين من الحرب والمتضررين منها الذين تشردوا وهجروا ديارهم وفقدوا كل مقومات الحياة، وذلك باستقطاب الدعم المحلي والاقليمي والدولي لإنقاذ النفوس من الهلاك والأمراض، مستلهمين موقف الأنصار الذين آووا المهاجرين وتقاسموا معهم الدار والغذاء والكساء:(( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))
خامسا:تكوين آلية للإشراف على خروج المسلحين من الأحياء والمؤسسات المدنية، وكل المظاهر العسكرية من الأحياء المدنية، وإزالة المتاريس والأنقاض للعودة للحياة الطبيعية. فللبيوت حرمة اتفق عليها الشرع والقانون الدولي، ووجود المظاهر العسكرية في الأحياء انتهاك للخصوصية واعتداء على حقوق الإنسان. (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))إن احتلال البيوت مخالف لهذا الحكم الشرعي
سابعا:فلنجعل من العام الهجري الجديد موسم مراجعة، وتغيير وتخلص من الطاقة السلبية، لنبدأ حياة جديدة عنوانها الاستقامة والتزكية والائتمان على مقومات الاستخلاف لنكون مستحقين لوعد الله (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ))