ولد الهدى فالكائنات ضياء "بدءالوحي" (3)
ولد الهدى فالكائنات ضياء "بدءالوحي" (3)
ولد الهدى فالكائنات ضياء
“بدءالوحي” (3)
أولها:الرؤيا الصادقة؛
فكان لا يرى رؤيا إلا تحققت مثل فلق الصبح، واستمرت الرؤيا الصادقة ستة أشهر، وهي الباقية قال صلى الله عليه وسلم :((لا يَبْقى بَعدي منَ النُّبوةِ شيءٌ إلَّا المُبشِّراتُ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وما المُبشِّراتُ؟ قال: الرُّؤيا الصالحةُ، يَراها الرَّجلُ، أو تُرى له)).
ثانيها:كان الوحي يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هيئة رجل وكثيرا ما كان يأتي جبريل عليه السلام في صورة الصحابي دحية الكلبي فيراه الناس، فيخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه جبريل.
ثالثها: ينزل جبريل في هيئته الملائكية وذكرت السيرة أنه رآه على هذه الهيئة مرتين؛ مرة في بداية الوحي ومرة في ليلة الإسراء والمعراج عند سدرة المنتهى، وكلاهما ذكرت في القرآن الكريم :الأولى في قوله تعالى :(( وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)) والثانية في قوله تعالى:(( وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى)).
خامسها:الإلهام، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم :((إن روح القدس نفث فى روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته))*.
سادسها:مخاطبته مباشرة؛ كما حدث في فرض الصلاة حيث فرضها الله على رسوله ليلة المعراج بدون واسطة، وذكر العلماء أن الإنسان عندما يسجد يرتقي روحيا إلى ملكوت الله على حد قوله صلى الله عليه وسلم :((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)).
ذكرت السيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان منقطعا في غار حراء، فَجَاءَهُ المَلَكُ، فَقالَ: اقْرَأْ، فَقالَ له النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما أنَا بقَارِئٍ،قال: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنَا بقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} حتَّى بَلَغَ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 – 5]. فَرَجَعَ بهَا تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ، فَقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا
ولد الهدى فالكائنات ضياء
الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: *كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ، ثُمَّ انْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى بنِ قُصَيٍّ، وهو ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ؛ أخُو أبِيهَا، وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ شَيْخًا كَبِيرًا قدْ عَمِيَ، فَقالَتْ له خَدِيجَةُ: أيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ، فَقالَ ورَقَةُ: ابْنَ أخِي، مَاذَا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما رَأَى، فَقالَ ورَقَةُ: *هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ فَقالَ ورَقَةُ: نَعَمْ؛ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا،ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ.
هكذا بدأت رحلة الرسالة الخاتمة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي سوف نتحدث عن معالمها ومبادئها وما جاءت به إجمالا في حلقة قادة إن شاء الله.
ورحم الله أمير الشعراء حيث قال:
تجَلّى مَولِدُ الهادي وَعَمَّتْ
بَشائِرُهُ البَوادي وَالقِصابا
وَأَسدَتْ لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ
يَدًا بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا
لَقَد وَضَعَتهُ وَهّاجًا مُنيرًا
كَما تَلِدُ السَماواتُ الشِهابا
فَقامَ عَلى سَماءِ البَيتِ نورًا
يُضيءُ جِبالَ مَكَّةَ وَالنِقابا
وَضاعَت يَثرِبُ الفَيحاءُ مِسكًا
وَفاحَ القاعُ أَرجاءً وَطابا