د. عبدالمحمود أبو
يكتب:
ولد الهدى فالكائنات ضياء
الإسراء والمعراج
كان أبوطالب يشكل حماية له من أذى المشركين، وكانت السيدة خديجة رضي الله عنها تخفف عنه معاناة ما يلاقي، وبموتهما، فقد رسولنا الكريم حماية العم وسند الزوجة، وسمي العام الذي ماتا فيه بعام الحزن.
تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأذى مباشر من زعماء مكة، فذهب إلى الطائف فكان تعاملهم معه أسوأ يوضحه هذا التضرع الذي توجه به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه: “اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة الا بك”
بغض النظر عن الاختلاف حول الإسراء والمعراج هل هو بالجسد أم بالروح؟ فإننا نركز على الدروس والعبر.
آيات الله في الإسراء أربع:
الآية الأولى:نزول جبريل بلا وحي:
جبريل عليه السلام ينزل بالوحي على الرسل، أول ينزل للتحكم في شيء فوق طاقة البشر؛ كما نزل يوم شق البحر لموسى، ونزل بالصيحة على قوم صالح، ولجعل عالي الأرض سافلها لقوم لو؛ ولكننا نراه هذه المرة جاء ليصحب عبد من عباد الله ليرى العبد من آيات ربه الكبرى؛ تلك هي الآية الأولى في الإسراء.
الآية الثانية:البراق: هي الدابة التي يركبها الأنبياء واشتق اسمها من البرق كناية عن سرعتها، حيث وصفت بأنها تجعل حافرها عند منتهى طرفها. فسرعتها تساوي سرعة الضوء.
الآية الثالثة:وصوله بيت المقدس: وهنا يبرز تساؤل لماذا كانت الرحلة إلى بيت المقدس؟ ولماذا لم يكن المعراج مباشرة من مكة إلى السماء؟ وللإجابة على ذلك – والله أعلم – أن الرسالات معظمها نزلت في بيت المقدس وأن أكثر الرسل كانوا من بني إسرائيل، فكأن رحلة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس إيذانا بانتقال القيادة الروحية من بيت المقدس إلى مكة المكرمة، ومن أبناء إسحق إلى أبناء إسماعيل.
الآية الرابعة:التقاء الرسول بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقدمه جبريل صلى بهم اماما
تلك هي آيات الله في الإسراء، ورحم الله أمير الشعراء الذي أبدع حينما قال:
أسرى بك الله ليلا إذ ملائكه
والروح الملأ الأعلى على قدم
مشيئة الخالق الباري وصنعته
وقدرة الله فوق الشك والتهم
لما خطرت به التفوا بسيدهم
كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم
صلى وراءك منهم كل ذي خطر
ومن يفز برسول الله يغتنم
وآيات الله في المعراج أربع
الآية الأولى
:عروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء، ورقيه إلى ما فوق السماء السابعة، تجاوزها سماء سماء، تجاوزها مكانة مادية وتجاوزها مكانة روحية، وذكرت السيرة أنه التقى في كل سماء بنبي من الأنبياء، والنبي الذي قال له بلغ أمتك مني السلام، هو أبونا إبراهيم ولذلك نحن نرد عليه التحية في الصلاة الابراهيمية.
الآية الثانية:
وصل مقاما فلم يجد معه رفيقه جبريل فناداه يا أخي ياجبريا أفي هذا المكان يترك الخليل خليله والرفيق رفيقه؟ قال له يا رسول الله مامنا إلا له مقام معلوم، إنك لو تقدمت اخترقت وأنا لو تقدمت احترقت
الآية الثالثة
:وصوله صلى الله عليه وسلم سدرة المنتهى، واسمها يدل على جلال المقام وعظمته قال تعالى:(( عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى))
الآية الرابعة:فرض الصلاة
كل العبادات نزل جبريل بحكمها لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض ما عدا الصلاة، فقد فرضت مباشرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوق السماء السابعة، فكأن المؤمن وهو يصلي يرتقي بصلاته للملإ الأعلى، ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :”أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد” قال تعالى :(( وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى))
ورحم الله أمير الشعراء حين قال :
طفت السموات أو مافوقهن بهم
على منورة درية اللجم
حتى بلغت سماء لا يطار لها
على جناح ولا يسعى على قدم
وقيل كل نبي عند رتبته
ويا محمد هذا العرش فاستلم
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.