ولد الهدى فالكائنات ضياء "الرسالة الخاتمة"(4)
ولد الهدى فالكائنات ضياء "الرسالة الخاتمة"(4)
د.عبدالمحمود أبو
يكتب
ولد الهدى فالكائنات ضياء
“الرسالة الخاتمة”(4)
ولد الهدى فالكائنات ضياء
الخاصية الأولى : اشتمالها على أصول كل الرسالات التي سبقتها؛
فهي جاءت مصدقة ومكملة ومهيمنة، قال صلى الله عليه وسلم :”إنما مثلي ومثل الأنبياء من قبلي، كمثل رجل بنى بيتا فأجمله وأحسنه إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون ما أجمل هذا البيت لولا هذه اللبنة؛ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين” وقال تعالى :(( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ))
الخاصية الثانية:
الخاصية الثالثة: العموم، والشمول، والرحمة، ومراعاة حال المخاطبين؛
فهي رسالة عامة لكل الناس وليست خاصة بقوم أو شعب، قال تعالى:(( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا))، وهي شاملة لكل مجالات الحياة، تعالج شؤون الفرد والجماعة والإنسانية، قال تعالى:(( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))، ومن خصائصها الرحمة في التشريع، ورفع الحرج عن الناس، قال تعالى:(( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))، وقال صلى الله عليه وسلم:”أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً”
الخاصية الرابعة:
جاءت بكتاب معجز؛ فالقرآن الكريم هو حجة الله، وكلمته، ومعجزة الرسول الخالدة، اشتمل على أخبار الأمم السابقة، وصحح الأخطاء في سير المرسلين، وجاء بمنهج قادر على مخاطبة كل القضايا التي تستجد في حياة الناس، وتحدى من يكذب به أن يأتي بسورة من مثله، أو بعشر سور؛ بل لو اجتمع الثقلان الجن والإنس لما استطاعوا الإتيان بمثله، قال تعالى:(( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)).
الخاصية الخامسة:فتح باب التوبة إلى قيام الساعة؛
في الأمم السابقة كان العقاب يعجل عليهم اذا ارتكبوا الكبائر، كما قص القرآن ما حدث لقوم نوح، وهود، وصالح، وقوم لوط، وقوم موسى، وغيرهم، ولكن الله أكرم هذه الأمة بفتح باب التوبة مهما كانت الذنوب، مالم تصل الروح إلى الحلقوم وما لم تقم الساعة، قال تعالى:(( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)).
الخاصية السادسة:جاءت الرسالة الخاتمة بالتكريم العام لجنس الإنسان؛
فهو بنيان الله، مكرم لمجرد إنسانيته، قال تعالى:(( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا))، فالتشريعات كلها جاءت لمصلحة الإنسان، فحرمت كل ما يهين كرامته وما يسيء إليه، بل إن حُرْمَتُهُ تتجاوز حرمة الكعبة المشرفة، حيث وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الكعبة وقبلها وخاطبها قائلا:”ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفسي بيده لحرمة المؤمن أشد حرمة منك”.
الخاصية السابعة: كفلت الرسالة الخاتمة للعلماء حق الاجتهاد؛
فأحكام الإسلام نصت عليها مصادر التشريع “القرآن الكريم والسنة النبوية” صراحة أو ضمنا، فالأحكام الواضحة تؤخذ مباشرة من النص، والأحكام المتضمنة تُسْتَخْرَج بالاجتهاد الذي يقوم به أهل الاختصاص، وفق شروط حددها علم أصول الفقه، قال تعالى:(( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)).
ولد الهدى فالكائنات ضياء
تلك هي بعض خصائص الرسالة الخاتمة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه، وهي في مجملها تناقض ما قامت عليه الجاهلية من عقائد ومفاهيم، ولذلك واجهت مقاومة كبيرة من المشركين كما سنرى في الحلقات القادمة، قال تعالى:(( وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآَخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ)).